الصابون الحلبي بين أيدي الكنديين.. لاجئ سوري يثير الإعجاب بمهنته التي نقلها معه

الصابون الحلبي بين أيدي الكنديين.. لاجئ سوري يثير الإعجاب بمهنته التي نقلها معه

بعد أن نقل تجربته ومهنته إلى بلاد اللجوء، نجح السوري عبد الفتاح صابوني في تطوير صناعة الصابون التي عمل بها في سوريا لعقود عدة، قبل أن تضطره الحرب إلى اللجوء لكندا.

صحيفة "جلوب آنذ ميل(link is external)" الكندية، وفي تقرير نشرته أمس الأحد، وترجمته "السورية نت"، سلطت الضوء على تجربته، مشيرة إلى أن صابوني عمل ربع قرن في هذا المهنة داخل سوريا، مصنعاً الصابون الحلبي الشهير في المدينة التي سمي على اسمها المنتج. 

الحرب أجبرت صابوني وعائلته على مغادرة حلب عام 2015. ذهبوا إلى الأردن بدايةً، حيث حاول الاستمرار بالعمل بذات المهنة، قبل القدوم مع أفراد عائلته إلى كندا كلاجئين يتلقون المساعدة من الحكومة في شهر يناير/ كانون الثاني من عام 2016.

يقول صابوني: "فقدت كل شيء. كان لدي صناعات، وطواقم عمل، ومتاجر، وزبائن".

يعمل الآن بجد للتعافي، حيث افتتح صابوني مصنع ومتجر "Aleppo Savon" في جنوب شرق كالغاري الكندية في يناير/ كانون الثاني 2018، وتبعهما موقعان للبيع بالتجزئة في مراكز التسوق في كالغاري، في شهري أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول.

كما يتوافر هذا الصابون المعد يدوياً في عدة متاجر لـ Safeway و Sobeys في كالغاري، ويباع لقاعدة متنامية من الزبائن على الانترنيت.

كنديون اعتادوا على منتجاته

ووفق الصحيفة الكندية، فإن العديد من المستهلكين الكنديين، المعتادون على لوائح المكونات الطويلة على ألواح الصابون خاصتهم، يحبون ببساطة Aleppo Savon. هناك القليل من المكونات ولا مواد كيماوية.

يقول صابوني وهو يقف في مصنعه قرب أبراج من ألواح الصابون الأخضر المعالج المصطفة. ومعه ابنه عبد القادر ذو 13 عاماً والذي يساعده في المتجر في أيام السبت: "الناس تجربه، تحبه، وتعود".

يتم اتباع طرق تعود لقرون في تصنيع الصابون الطبيعي، بما في ذلك تجفيفه لحوالي ستة أشهر. خلال ذلك الوقت، يتغير لونه الخارجي من الأخضر إلى البني أو الأصفر. يوجد ألواح معطرة وملونة كألواح البنفسج والليمون، ولكن تبقى ألواح زيت الغار التقليدية هي الأكثر شعبية.

إنها عملية احتاج صابوني أعواماً لإتقانها. وتعد هذه المهارات أفضلية للمنافسة، في حين يبيع بعض رجال الأعمال الكنديين الصابون المستورد المصنوع في حلب، إلا أن صابوني يعتقد أنه الوحيد الذي يقوم بتصنيعه في أمريكا الشمالية.

لم يتوقع صابوني بداية أنه سيستمر بصناعة الصابون في كندا. ولكن ذلك تغير حينما شجعه صديق جديد، سام نمورة، على جلب عدة أكياس من الصابون الذي صنعه في الأردن إلى سوق في مهرجان كالغاري. بيع الصابون سريعاً.

قال السيد نمورة، المؤسس المساعد لمنظمة مجتمع دعم المهاجرين في كالغاري، والتي أطلقت بداية لمساعدة اللاجئين السوريين: "منذ تلك اللحظة، علمت أن ما لديه سينجح، لأن رد الفعل كان كبيراً".

بدأ اللاجئ السوري تجربته بصناعة الصابون في مطبخه وساعده السيد نمورة على نشر الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي. أصبح الزبائن الأوليون زبائن دائمين، وأخبروا الآخرين. "إن زبائنه هم أفضل الباعة المسوقين"، حسبما قال نمورة.

بالنسبة لصابوني كان رد الفعل الأولي ذلك مشجعاً. اشترك مع لاجئ سوري آخر قابله في دروس اللغة الإنكليزية،  وكذلك مع السوري الكندي حسني هادري لافتتاح Aleppo Savon.

تسويق غير تقليدي

عدا عن الموقع الإلكتروني وحسابات التواصل الاجتماعي، لم يعمد صابوني لاستخدام التسويق التقليدي كثيراً. يقول إن الكثير من الناس يتعرفون على عمله من خلال الأخبار الإعلامية حول الافتتاح الكبير للمتجر، كما نشر هو الخبر بطرق أخرى، مثل المشاركة في حدث الباب المفتوح الذي نظمته المدينة لتقديم جولات مجانية لمئات الناس داخل مصنع Aleppo Savon.

الاستقبال القوي للمتجر الأول – في الموقع غير المرجح في المنطقة الشرقية الجنوبية الصناعية – شجع صابوني على توسيع عمله إلى مراكز التسوق، "أقرب إلى الناس" حسبما يقول.

السيد نمورة، الذي يملك عملاً في مجال الأمن، يصف السيد صابوني بأنه رجل أعمال مؤهل ومجد. "لدي إعجاب كبير بتصميمه وحماسه".

بالنسبة لصابوني، فإن الحافز هو ما خسره سابقاً. إنه يقارن معدل إنتاجه الحالي – حوالي 400 كيلو غرام من الصابون يومياً – بالـ 500 كيلو غرام من الصابون التي كان ينتجها عمله يومياً في سوريا.

طموحات..

بعد عام أول للعمل مثير للإعجاب، يتطلع صابوني لافتتاح مواقع لبيع التجزئة في مدن كندية أخرى. كما يريد أيضاً توسيع القسم الخاص ببيع الجملة من عمله، وقد يدرس التصدير لدول أخرى في المستقبل. في سوريا، كان عمله يقوم بتصدير الصابون الحلبي إلى العراق وأوروبا وآسيا.

يقول صابوني: "إنه عمل شاق. أنا أحب العمل الشاق".

بدء عمل جديد هو أمر صعب إن كنت قد ولدت في كندا أم لا، حسبما تقول "ليا هاملتون"، المدرسة المساعدة في كلية بيسيت للأعمال في جامعة مونت رويال في كالغاري، والتي تقوم بدراسة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للاجئين والمهاجرين في كندا.

البعض مثل السوري صابوني يجلبون سنين من الخبرة في صناعة معينة. تقول: "أعتقد أن المهارة التجارية التي اكتسبه في سوريا ستنتقل بالتأكيد إلى السياق الكندي".

كما تشير "هاملتون"، إلى أن الاستقرار المتسارع للاجئين السوريين في كالغاري يعني زيادة المعرفة بالأعمال الشبيهة بأعمال صابوني. وتؤكد أنها نفسها قد تلقت لوحاً من Aleppo Savon كهدية من صديق في عيد الميلاد.

تقول السيدة هاملتون: "يريد العديد من الكنديين وأهل كالغاري دعم اللاجئين السوريين والمساعدة على استقرارهم". مضيفة أن الشراء من أعمال مثل Aleppo Savon هو إحدى طرق تحقيق ذلك.

الدعم هذا يساعد السيد صابوني على الاستمرار. يشير إلى أن مدينته حلب كانت مشهورة بالصابون: "كان الناس يقولون (رجاءً، اجلب لي الصابون من حلب)".

الآن يسمع الكنديين وهم يستخدمون عبارة شبيهة: "رجاءً، اجلب لي الصابون من كالغاري".